هي ليلة ليست كغيرها من سائر الأيام، تهل بها البركة، تزدان بها السماء بأنوار الإيمان، قد خصها الله عز وجل وكرمها بأن أنزل فيها القرآن على النبي الأمي الكريم "صلى الله عليه وسلم" رحمة للناس أجمعين، فيها يشعر المسلم بحلاوة في روحه وشعور لا يستطيع أن يصفه أعظم الشعراء مهما تعالت مفرداته، فلغة الروح لا يفهمها سوى العابدين المتقين، ويشاء قدر الخالق أن تكون هذه الليلة في الشهر الكريم، الشهر الذي يتوق المسلمون لرؤية في كل عام من الدهر، فتتفتح فيه سبل الخيرات، ويرحب به المسلمون وبما جاء به من بركة على الناس، فما هي ليلة القدر؟ وما هي المظاهر التي تكون فيها؟ وكيف كان يقضيها الصحابة "رضوان الله عليهم" في عصرهم الجميل؟
ليلة القدر: ليلة ذكرها الله عز وجل في سورة القدر بكتابه الكريم، وتأتي هذه الليلة في السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، ويجمع البعض على أنها تأتي ليلة فردية فقد تكون في الحادية، أو الثالثة، أو الخامسة، أو السابعة، أو حتى التاسعة بعد العشرين، ويستقبلها المسلمون بالصلاة والطاعة المستمرة من بعد صلاة العشاء حتى طلوع فجر اليوم الجديد؛ آملين من الخالق الكريم أن يغفر لهم ما تقدم لهم من ذنوبهم وخطاياهم، فبها يعتق الكثير من النار وتُكتب له الجنة إثر ما قدمه من ندم وطاعة في هذه الليلة العظيمة.
إحياء النبي "عليه أفضل الصلاة والسلام" هذه الليلةقد كان الرسول عليه السلام قاضياٌ عمره في الطاعة، والعبادة، وداعياٌ في سبيل الدعوة الإسلامية التي بُعث فيها للناس كافة، وإن من أكثر ما يتحبب به الرسول عند فعله هو العبادة، فقد كان يتلذذ بها عليه السلام، ومن أكثر الأيام التي كان يحب أن يتقرب إلى الخالق -عز وجل- العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل، فقد كان عليه السلام يعتكف فيهم جميعاٌ، وأخص ما قد كان يهتم به هي ليلة القدر، لما لهذه الليلة من فضل عظيم وبركات تنزل عن المؤمنين، ومن المظاهر التي كان الرسول يفعلها في هذه الليلة، الإكثار من تلاوة القرآن والتهجد لله في قراءته، والاستغفار والتسبيح، فقد كان الحبيب يكثر منها الأذكار والأدعية التي يتقرب بها ويتوب به إلى الله، وكان عليه أفضل السلام والصلاة، يصلي بالناس ليلاٌ حتى طلوع الفجر، فمثل هذا يوم لا يفوت أجره من بين أيدينا، وحري بنا أن نسير على النهج الذي خطه الرسول الكريم وأن لا نحيد حتى وإن ابتعدنا قليا فلنسارع بالعودة.
من المظاهر التي تتخللها هذه الليلةاعتاد المسلمون أن يقوموا ليلة كهذه الليلة بكل جوارحهم، وعلى مر العصور فلم تذكر أمة وقد أضاعت هذه الليلة، بل قد حافظو على شعائرها ولم يخلوها هباءٌ، وهناك العديد من العبارات التي يفعلها المؤمنون بهذه الليلة منها:
ليلةٌ كالقدر، جاهل من يغفل عن أنها ذات فضل عظيم عند الله عز وجل، فمن يعلمها عليه أن يستغل هذا جيداٌ، فلها الكثير من الفضل والأدلة في هذا كثيرة، فقد بينها الرسول -عليه السلام- بعد أن كرمها الله في كتابه، ومن هذه الدلائل:
ولو لم تكن هذه الليلة ذات فضل وأمر عظيم، لما ذكرها في كتابه الكريم، بأنها ليلة مباركة، فكثير من المسلمين ينتظرون هذه الليلة من الدهر كله، والكثير منا قد يعلق أمله وثقته بالله على هذه الليلة، ولو نظرت قليلاٌ ونفسك، تجد أي فرد قد ملأ الإسلام قلبه، مهما كانت مشاغله وأعماله والأمور التي تشغلنا بها هذا الدنيا وقد ذكر له أحدهم وقد قال: الليلة "ليلة القدر" تجده قد أعد وهيأ نفسه لقيام هذه الليلة بقلبه وجوارحه، ومن منا يجهل فضل ليلة كهذه، فلا تضيعوا فرصة كهذه، فهذا إعلان من الله لكل من يريد أن يقبله الله ويغفر له، فليس العيب أنك تبدأ تقربك إلى الله من ليلة القدر وشهر كرمضان، فالله يقبل كل من يأتيه عاصياٌ وتائباٌ، فكلنا بشر يخطئون، وخيرنا من يسارع بالتوبة.
المقالات المتعلقة بما هي مظاهر ليلة القدر